الأربعاء، 7 يناير 2015

هيكل بين وهم المشروع القومى الناصرى وإرهاصات الشيخوخه “الجزء الثالث “


بقلم : على بركات 

والمشروع التركى ليس له اى دلاله على الارض .. اللهم إذا عجزنا ان نقرأ الفرق بين حكومة تركيا الاسلاميه التوجه ، وبين تركيا العسكريه التى ادارت ظهرها للعرب والمسلمين منذ ان اسس ( كمال اتاتورك ) للحكم العلمانى وسَلَخَ تركيا من الجسم والإنتماء الاسلاميين .! .. وهذا توجه منطقى وقد سبق اردوجان فى تركيا ، الجنرال الباكستانى ضياء الحق الذى ولى وجه شطر العالم العربى والاسلامى ، بحكم ولائه العقيدى والفكرى ، حتى ان باكستان ألَحّت فى الانضمام الى الجامعه العربيه ، بحكم الولاء للإسلام ، وليس بحكم الجغرافيا او اللسان الاردو! ، وكذلك ذو الفقار بوتو من قبل .. والذى يحدث الان من بعض الهجمات للجيش التركي ، على بعض البؤر التابعه ( لجيش البعث القومى ) ، ما هو سوى ردة فعل استُدرج إليها أضطراراً ، لأن النظام فى استنبول مسؤول امام شعبه عن القصاص لضحاياه المدنيين !.. وحتى لا تُعاود مرتزقة وشبيحة الاسد ضرب القرى المجاوره واماكن اللاجئين السوريين فى تركيا ! . 
بيد ان المشروع ( الاسرائيلى ) قائم منذ ان خَطّ السيد هيكل اولى خطاباته للراحل عبد الناصر .. إلا انه يريد ان يقنعنا بطريق غير مباشر ان ( الحكومات ) التى ثارت عليها شعوبها كانت تقف الحأول لأطماع ( الكيان الاسرائيلى ) ، فى فلسطين والوطن العربى على حد السواء ، والتاريخ يشهد وعواصم الغرب تشهد أنهم هم الذين اجهضوا القضيه الفلسطينيه سياسياً وقد نجحوا بأمتياز على ( المستوى الرسمى ) .. ومعاهدة كمب ديفيد واتفاقية السلام خير شاهد ، لكنهم لم ولن يستطيعوا إجهاضها فى عقل ووجدان الشعوب الاسلاميه والعربيه ، التى هاجت على نظم العار والتطبيع .. ولن تكون هناك مواجهه بين السنه والشيعه بتحفيز من ( الكيان الصهيونى ) .. لأن قادة اهل السنه يملكون الحكمه الكافيه لتحويل العلاقه مع إيران الى مصالح ليس إلا ، برغم المشروع القديم الجديد الذى يُراود بالفعل الملالى فى (قم ) و( طهران )!
وانى اتسائل اين الحكومات العربيه التى استطاعت ان تقول ( لا ) لأمريكا وشكلت لها إرباك فى المنطقه ، حتى جعلتها عصية المنال على حد تعبير – السيد هيكل – فى تصريحاته لجريدة الاهرام فى تموز يوليو الماضى ؟! .. حكومة مبارك التى كانت تحكم فى مصر ، التى مكنت لأمريكا كل شئ فى مصر حتى ( الزفير ) ، لتمرير توريث الحكم ، وكممت الافواه فى الداخل المصرى ، لتدليل اسرائيل وإرضاءً للغرب ، ولاننسى إتفاقية بيع الغاز ( للكيان الاسرائيلى ) بعشره بالمائه من السعر العالمى ! .. أم على صالح فى اليمن الذى ترك المجال الجوى للطائرات الامريكيه تحوم وتقتل اهل اليمن .. أم بن على فى تونس الذى كاد ان يُنّسي اهل تونس انهم مسلمون .. أم القذافى فى ليبيا الذى سَلّمَ للأمريكان كل ما تملك ليبيا من اسلاحه كيميائيه ، إبان الهجمه البربريه على العراق ، تملقاً للغرب لتوريث الكرسى من بعده لنجله سيف الاسلام .. اين هذا العصيان المزعوم ؟! .. حتى المليارات التى نُهبت من اقوات الشعوب العربيه مازالت تنعش الاقتصاد الغربى .. أرى ان العصيان فى مرحلته الاولى والفريده الان بفعل الثورات التى قامت للفكاك من عباءة التبعيه ! .. وهذا العصيان يقف وراءه الزخم الشعبى الذى أتى برئيسه أنتقاءً وأنتخاباً .. وليس بتأييد أوضوء اخضر من البيت الابيض .. وهذا ما يفسر لنا خيبة امل امريكا والغرب و( الكيان الاسرائيلى ) وقلة حيلتهم فيما عدا الإشارات التى اشرنا اليها سلفاً ! 
والحقيقه التى لا مِراء فيها ، ان الاسلام السياسى الذى تصدر المشهد بعد الثورات ، وليد لحظة الإختيار الحر .. فكانت النتيجه منطقيه بدرجة مائه بالمائه .. كالجائع الذي تُتاح له اختيار الطعام فتأنف نفسه خبيثه ، وتقبل الطيب منه .. وهذا الاختيار الحر إذا ما اُتيح لكل شعوب العرب والمسلمين ستكون المُحصّله واحده ، ( ثلة من يحكم بالاسلام ) .. وهذا ما ظهر فى الافق بالفعل فى المغرب والاردن ومن قبل فى الجزائر وغزه .. لكن ما أشح لحظات الاختيار الحر فى بلاد العرب والمسلمين . 
إذن جاءت الاخوان المسلمين نتيجه الاختيار الحر .. واعتراف الغرب بهم جاء لنتيجة الزخم الشعبى العارم الذى جاء بهم .. وليس هناك من اختيار للغرب سوى الإذعان لهبة الشعوب التى تقلق الغرب اكثر من أقوى جيوش المنطقه .. ومن التاريخ ما يبرهن على ذالك ، فلقد استطاعت باكستان ان تُنشأ مفاعلها النووى رغم التهديدات الغربيه .. وعجز الغرب عن أخذ خطوه صداميه مع باكستان ، لإيمان الغرب بقوة الجبهه الشعبيه التى كانت تقف مع صناع القرار فى باكستان إبان حكم الرئيس ذو الفقار بوتو والجنرال الوطنى العظيم ضياء الحق ! .. وكذلك عندما قام شريف نواز رئيس الوزراء وخليفة ضياء الحق بعملية الاختبار النووى ، لم يأبه بتهديدات انجلترا واحتمى فى الشعب الباكستانى . 
ولذلك يعرقلون ( الديمقراطيه ) فى بلادنا لانها تُهيئ للإختيارات الحره .. وهم يعرقلون التحول ( الديمقراطى ) على سبيل المثال لا الحصر فى تونس وليبيا واليمن من لحظة الإطاحه بطواغيتهم .. وسنسهب فى المشهد المصرى على سبيل الحصر ، فالديمقراطيه أُريد إغتيالها لحظة تنحى مبارك .. بتسليم شؤون البلاد للمجلس العسكرى ، لتحويل كرة الثوره الملتهبه ، أو دحرجتها وهذا أنسب إلى يد المجلس العسكرى البارده ، ليمتص غضبة اهل الكنانه .. ومن ثَمَ بدأت ميكانيكية التعاطى مع كل مشهد بما يناسبه من فعل يؤدى فى النهايه لضرب الاستقرار ، ويعرقل التحول الى نظام مدنى مؤسسى حر .. ولكن كلما اوقدوا ناراً اطفئها الله ، ولأن الخبره والصراع مع امريكا وربيبتها ( اسرائيل ) ، أفرزت مايمكن ان نسميه بأستراتيجية التحضير السياسى فى المواجهه .. وذالك يعود أيضاً للإفلاس السياسى والارتباك الاقتصادى الذى تعانيه الولايات المتحده والغرب وينخر سوسه فى جسدها ، جراء التهور العسكرى الذى مارسته فى أفغانستان والعراق ، وهذه نتيجه حتميه إذا ما اعتبرنا ان الحرب دوره من دورات السياسه .. نعاود ونكرر لم ولن يمروا !. 
هذه وجهة نظرنا النسبيه .. ولذالك تحتمل الصواب والخطأ ، ولكننا نعتز بها .. وإلى الصغار الذين يرون كل مَنْ دونهم عمالقه كبار ، تصفحوا كتابى ( ثورة يوليو الامريكيه ) و ( كلمتى للمغفلين ) لصاحب القلم الفوتوغرافى الحر – الكاتب الصحفى محمد جلال كشك – ( وهومن جيل السيد هيكل وشاهد على العصر ايضاً ) الذى مات كمداً وهو ينافح عن قناعاته فى وجه الطغيان الناصرى ورجالاته !.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق