الحياة بعد الستين
تحقيق \ سماح دسوقى
ترى ماهى شكل الحياة بعد بلوغ
المرء سن الستين ؛ هل ينظر إلى الحياة بشكل قاتم على انه بدء فى مرحلة الشيخوخة
وكبر السن والمعانة من أمراض الشيخوخة ؟
أم انه ينظر إلى الحياة بشكل مختلف
يحث على الأمل فى الحياة وانه مازال يمتلك طاقة الشباب ومرح ومشاعر الشباب وانها
مرحلة جديدة فى حياته يجنى فيها مازرعه طوال سنين حياته الماضية والراحة من سنوات
الشقاء فى العمل وتربية الأبناء والجرى والسعى وراء رفع المستوى العلمي والادبى
ورفع المستوى المادى والحرص على بناء مستقبل للأبناء حتى يصل بهم إلى بر الامان .
فأردنا أن نقترب من بعض الأشخاص
الذين تخطوا سن الستين لنعرف منهم كيف تغلبوا على الأحساس بأنهم وصلوا الى سن
المعاش وهل هم يمارسون حياتهم بشكل طبيعى ؟
أم انهم تعرضوا لازمات نفسية خاصة
بالنسبة للنساء فأنه من المعروف ان المرأة بوجه عام تريد ان تظل فى شباب دائم .
وهذه بعض النماذج الذين خاضوا هذه
التجربة التى سوف نمر بها جميعاً لو أطال الله بنا العمر .
ماجدة حسن 62سنة ربة منزل تقول إنى
أعيش الحياة بسن فتاة فى الثلاثين من عمرها ولست مقتنعه من داخلى أنى تخطيت الستين
عام ودائماً أهتم بنفسى وببيتى وزوجى دائماً متجددة ومتألقه .
وأضافت اذا سألنى أحد عن عمرى أضحك
وأقول والله أنا عديت الخمسين عام حتى إن أبنائى وأحفادى وأولاد الأخوه ينادوننى بأسم الدلع ( ديدى ) بدون القاب فليس
لدى الأحساس أنى جده أوعمة أوخالة فأنى أعيش مرحلة الشباب بشكل دائم لانه أحساس
نابع من الداخل اننى فى عز الشباب .
على الصفتى 63سنة مدير عام فى أحدى شركات القطاع
العام سابقاً وعلى المعاش حالياً يقول إن النظرة للحياة بعد سن الستين تختلف من
شخص لاخر فبعض الاشخاص يبحثون عن فرصة عمل أخر بعد خروجهم على المعاش وانه لا
يستطيع ان يواصل حياته بدون عمل والبعض الاخر يعتبرها أنها مرحلة راحة من عناء
وشقاء سنين طويلة فى العمل وأنا من الصنف الثانى الذين يعتبرون سن الخروج على
المعاش ماهى الا فرصه للراحة والاستمتاع بالحياة
وأشار انه كان فى الماضى ليس لديه الوقت لزيارة الاقارب والمكوث فى البيت
مع الزوجة والاولاد والان بعد خروجى على المعاش اصبح لدى وقت فراغ كبير استمتع فيه
بالجلوس مع اصدقاء العمل واصدقاء الدراسة واستعادت ذكريتنا فى مرحلة الشباب .
وأكد على انه مازال يمتلك قلب الشباب وروح ومشاعر الشباب وأنه ليس لديه أى
أحساس بأنه تخطى سن الستين وأن قدرته من الناحيه العاطفيه تجه زوجته تزداد يوماً
بعد يوم وأنه قادر على العطاء أكثر من أى شاب فى سن العشرين .
الحاجة أم ميدو 63سنة ربة منزل تقول أنى عانيت فى حياتى بعد وفاة زوجى
وعكفت على تربيه الابناء ورفضت الزواج من رجل أخرمع أنى كنت فى عز شبابى والان بعد
ماتزوج كل أبنائى وأصبح لدى أحفاد وبعد بلوغى سن الستين استمتع كثيراً باللعب مع
أحفادى واسعد بوجود ابنائى وأحفادى حولى مثل ما يقول المثل ( أعز الولد ولد الولد
).
وأضافت أنها فقدت روح الشباب واحست بكبر السن وأصابها بعض أمراض العصر مثل
السكر والضغط وخشونة الركبة واللأم المفاصل وانها لم تعد قادره على المشى مثل ما
كان فى الماضى فأبنائها وجيرانها هم الذين يقومون بالتسوق لها وتقول أنى اعتبر هذه
المرحلة فرصة للتقرب إلى الله بالعبادات والعمل الصالح .
الحاج مصطفى محمد 71 سنة صاحب ورشة عمل يقول أنا ليس لدى أى أحساس بأنى
بدأت فى مرحلة الشيخوخة فأنى أتمتع بفضل الله بصحة جيدة وانزل كل يوم من بيتى لكى
أباشر عملى بنفسى حتى أننى عندما ينادينى أحفادى أو أى أحد غريب ( جدو ) أحس
باستغراب من الكلمه لان لدى شعور داخلى أننى أصغر من هذا السن .
وأشار إلى إن كبر السن ليس عائق فى العلاقات الزوجية بل بالعكس فإن الحب
والالفه والمودة تزداد مع مرور الايام وأنى أمارس العلاقه الزوجية مع زوجتى بشكل
طبيعى جداً كاننى شاب فالاختلاف فى القدرات ليس كبيرجداُ بين سنى الان وبين قدراتى
فى مرحلة الشباب .
الحاجة أم أشرف 66سنة ربة منزل أم لخمس أولاد تقول أكملت مسيرة حياتى بعد
وفاة زوجى فى تربية الابناء وأعتمدت على نفسى فى تربية اولادى وكنت لا اقبل
المساعدة من احد ولا حتى من أقرب الاقربين لى حتى أوصلتهم جميعاً إلى بيت الزوجية
وعند وصولى الى سن الستين تقبلت الامر لانها سنة الحياة قال الله تعالى "اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ
جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ
الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ
وأكدت على أنها تحس بأنها شابه مقبله على الحياة وأذا أستسلمت للامراض التى
اعانى منها مثل الضغط والسكر والمرارة سوف اصاب بحالة من اليأس والأكتئاب وأنا
أحاول أن أخفى همومى وتعبى عن أولادى حتى لا يحملوا همى ودائماً ما أبعث فيهم
الامل والتفأل فى الحياة وتحولت جميع أحلامى الى أحلام للابنائى وأحفادى .
كابتن سامى أحمد 62 سنة حكم دولى سابق ومدرب تحكيم حالياً يقول انى استمتع
بالحياة بكل معانيها واننى لم احس فى يوم من الايام أنى قد كبرت فى السن وأنى على
اعتاب مرحلة الشيخوخة فأنا دائماً اهتم بنفسى وبليقاتى البدنيه واذهب الى النادى
وأمارس الرياضه بشكل يومى وانى اضع لنفسى جدول ومواعيد يومية محدده لتناول الطعام
وماهى كميه ونوع الطعام الذى اتناوله حتى احافظ على صحتى وعلى مستوىا الرياضى .
وأكد على أنه مازال يتمتع بطاقه الشباب وقلب وروح الشباب ويسعى للبحث عن
الحب وعن زوجة تعيش معه حياة رومانسيه وعاطفيه " فان الحب يبدء من بعد الستين
" فما هو المانع ان ابحث عن نصفى الاخر وليس لدى اى مانع من انجاب اطفال
فالاطفال احباب الله فالاحساس اننى ما زلت شاباً احساس رائع وجميل .
أم عن الرأى العلمي وتعريف سن الشيخوخة فيحدثنا الدكتور ايمن غريب قطب استاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الازهر.
ومستشار فى احد مراكز التنمية الاسرية يقول بداية
لابد
من الإشارة إلى أنه من الناحية السيكولوجية يصعب تحديد سن معينة لمرحلة الشيخوخة . فليس
لها سن معينة وليس لها سن دون آخر .
وهناك
مقولة مشهورة في هذا الصدد أن الشباب شباب الروح والقلب والعطاء وليس شباب الجسد . فهناك
من قد تجاوزوا سن الستين وهم في قوة وفتوة وحيوية يحسدهم عليها الشباب . وقد فاقوا
في حيويتهم العديد منهم . وهناك بالمقابل من الشباب من قد شاخوا قبل الأوان وخارت
قواهم وقلت جهودهم
وثبطت هممهم أو امحت وساروا نحو النهاية حتى قبل أن يبدؤوا .
وعمليا
تبدأ الشيخوخة بتقدم العمر منذ مراحل الطفولة .غير أن الشيخوخة اصطلاحيا يقصد بها
مرحلة كبار السن .حيث تبدأ خلايا الجسم في الهرم . وتبدأ الأنسجة وأجهزة الجسم في
الضعف أو الترهل . كما تقل القدرة على مقاومة الأمراض والحيوية العامة وذلك مقارنة
بالمراحل السابقة . كما تقل الكفاءة العامة للجسم من الناحية الوظيفية وتقصر الأجهزة عن الوفاء بمتطلباتها الوظيفية وتقل عملية التكيف مع
البيئة وأنشطتها . كما تنقص أيضا المقدرة والرغبات الجنسية في الإنسان . وهي التي
بدأت مع البلوغ وبلغت ذروتها في المراهقة والشباب .
واضاف ان مع
بداية هذه التغيرات الوظيفية تتأثر أنماط وأشكال العلاقات الاجتماعية لدى الفرد في
هذه المرحلة خاصة مع شريك العمر أو الزوج . كما تتغير الحالة المزاجية العامة خاصة
مع الانقطاع عن العمل حيث يكون ما يسمى مرحلة المعاش أو الإحالة على التقاعد .
وهو
أمر قاس على الكثيرين أو قلة الممارسات المهنية بوجه عام
وأشار الى ان كثر
مشاكل هذه المرحلة تأتي من عدم المعرفة بالفروقات هذه التي يستحدثها السن. فقدرة
الاستجابة لدى المسن تكون متأخرة نوعا . ولذلك
يتعين على الأزواج أن يتفهموا المتغيرات التي يستحدثها السن والتكيف معها إيجابا
وعدم التعجل في التعامل معها سلبا . ولعل
الثقافة الجنسية عند الذكور والتي يتناقلونها فيما بينهم تجعل فقدان المقدرة
الجنسية مشكلة . وكأننا مقدور علينا طوال العمر أن نبقى على حالة الشباب . وقد
يفسر هذا الإسراف لدى العديد في تناول المنشطات والهرمونات المساعدة على استعادة
الأيض الجنسي .
وينبغي
للزوجة هنا أن يكون لها دور إيجابي في التكيف الجنسي والنفسي مع الزوج فلا تتعجله
أو تشعره بالنقص أو الضعف حيث يزيد ذلك المشاكل سوء . وعليها أن تصبر وتساعده حتى
يكون لديه الثقة ويجتاز التغيرات بصفة إيجابية .
وأي ما
كان فإنه بالتكيف المناسب بين الزوجين يستطيعان أن يمارسا ويستمتعا معا بحياتهما
على أكمل وجه . بل هناك مزايا للشيخ وهي قدرته على التحكم والنضج الأكبر من
المراحل السابقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق