الاثنين، 14 مارس 2016

الازدواجية في الشخصية والسلوك

(ج2)

بقلم دكتور \أيمن غريب قطب

أكدت الدراسات التحليلية وعلماء النفس أن هذه الحالات تكون نتيجة تعرض الشخص المصاب بها الى عنف جسدي او جنسي في الصغر كنوع من آليات او ميكانيزمات الدفاع والهروب من الواقع مع عدم المقدرة على الحديث او التنفيس عن المشاعر تعبيرا عن الايذاءالمعنوي للشخص المعتدى عليه في الصغر.
وهناك دراسة تقول ان الشخصية الازدواجية قد تكون نتيجة الافراط في تناول الكحوليات والمواد المحظورة.عموما تجدر الاشارة ان الازدواجية تلك قد تكون عرضا من الأعراض الخطيرة للاكتئاب النفسي الجسيم وهنا يجب تقييم الحالة بدقة متناهية من
قبل المختصين . والتدخل السريع لعلاج الحالة قبل تفاقمها وحصول ميول انتحارية او الرغبة الملحة لايذاء الذات بأي شكل من الأشكال هناك الكثير من الناس الذين يعيشون حياة طبيعية ويمارسون ادوارهم في الحياة وهم بشخصيتين متناقضتين تماماً . وما كان يحدث من تناقض بين السلوك والافكار لدى الكثير من الذين نراهم ونسمعهم قد اصبح الان تغييرا وتناقضاً واضحا في شخصيتهم وليس بين افكارهم وسلوكهم فقط ، فهم اليوم بشكل يتكلمون ويتصرفون ويصرحون وبعد فترة زمنية بسيطة ولا نقول طويلة نجدهم بشكل اخر ، يتصرفون بطريقة متناقضة تماما لما قالوه او فعلوه قبل قليل . ان هذا التناقض او الازدواج اصبح موجودا لدى غالبية الناس ولا سيما الساسة ورجال الدين . ولا يقتصر هذا على هؤلاء فقط بل اصبح موجودا لدى غالبية افراد مجتمعنا العربي بحيث اصبحنا نعتقد بان هذا الازدواج في الشخصية هو السواء او انه من السمات الحديثة التي يمكن ان توصف بها الشخصية العربية الحديثة !! وقد يفسر ذلك بانه نتيجة للضغوط التي تعرض او يتعرض لها هؤلاء الافراد ولكن نحن نشاهد ذلك عند افراد بعيدين عن الضغوط النفسية وبالعكس فان من يعاني ويكابد ويتحمل نراه يتمتع بنوع من الضبط النفسي والسلوكي والانفعالي ، واذا ما بدر منه ذلك فقد نتلمس له العذر ولكن اي عذر نلتمس لمن يعمل ذلك لخداع الاخرين وهو لايعلم بانه بهذا الخداع يكون قد خدع نفسه اولاً. انها دعوة الى مراجعة النفس اولا والانتباه اليها وان نحاول الحفاظ على سلامة عقولنا وسلوكنا وحالتنا الانفعالية من عدوى قد ينقلها الينا غيرنا ممن يمتهنون هذه الحالة ويحاولون ان يجعلوننا نعيش في دوامة ازدواجيتهم يصف الناس بعضهم البعض بصفة إزدواج الشخصيّة حتى صار هذا المصطلح تعبيرا شائعا خصوصا في مجتمعاتنا. يقصد بهذا التعبير عادة كلّ التصرفات المتناقضة والأفعال المزدوجة المتباينة التي تصدر من شخص معيّن نحو هدف معيّن أو أهداف مختلفة. - وهناك من يري إزدواج الشخصيّة عقليّ المنشأ : وهو إزدواج في التصرف ينشأ نتيجة لإزدواج في الإدراك أو في العقلية. هذا التصرّف المتناقض يصدر عن شخص معيّن نتيجة لوجود مفهومين متناقضين كحالة تكيفيّة لظرفين متباينين تقتضيهما الحالة الإجتماعيّة. الأمثلة على ذلك كثيرة منها : تعايش الفرد في مجتمعين مختلفين في السلوك والعادات والثقافة، كمجتمع الحضر ومجتمع البادية، حيث قد تنشأ عند نفس الشخص مفاهيم متباينة طبقا للمكان الذي يتواجد فيه، يتصرف على أساسها بتصرفين متناقضين. فيسلك بعقليّة أهل البادية حينما يكون في البادية ويسلك بعقليّة أهل الحضر حينما يكون في المدينة. هذا الإنتقال من شخصيّة الى أخرى يحصل من
دون جهد أو تكلّف وكأن المسألة تسير بشكل ميكانيكي وتلقائي، "!. الأمثلة كثيرة عن إزدواجيّة التصرف نتيجة
لإزدواجيّة المفهوم، فمن الأمثلة الشائعة الأخرى التي نراها اليوم هو تصرفات بعض المغتربين الذين يعيشون في المجتمعات الغربية ويندمجون فيها وتتكون لديهم مفاهيم جديدة. فهم يتصرفون بالسلوك الغربي حينما يكونوا هناك، بينما ينتهجون سلوك البلد الأم حينما يزورون أوطانهم. لا أقصد هنا من يعيش في الغرب ولا يندمج في مجتمعاته، فهؤلاء يبقون محافظين على مفاهيمهم السابقة وتصرفاتهم تبقى كما هي سواء كانوا في بلدان الغرب أو في بلدانهم. فمن لم يتكون لديه مفهوم جديد لا يتصرف بتصرف جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق