السبت، 13 يناير 2018

هل تدفع إيران نتيجة النفخ الأميركى؟

بقلم : على بركات

الحسابات السياسيه التى تطغى فيها المصالح على الوقوف عند تطور الاحداث وتجديد التصور المرحلى المناسب للمعطيات المستجده .. حتماً سيتمخض عنها خلل إستراتيجى قد يبدد كل المكتسبات السابقه ويخلق إرباكات قد تعصف بدايةً بالأمن الداخلى وينتهى بإجهاض نظام الحكم ذاته .. إذا تعامت الإداره الحاكمه القراءه الواعيه الموضوعيه للمشهد ، وفى ظل تسارع الاحداث وكثافتها يطرأ فى الغالب معها مُعامل جديد أو أكثر يحتاج معه الوقوف على عتبة ما يمكن تسميته بلغة الحاسوب تحديث وفلترة ، لتفادى نتائج أكثر تعقيداً .. وقد يتطلب هذا مهاره الإنسحاب ولو جزئياً ( بحسب حجم الخطورة المتوقعه ) لترتيب الأوضاع .. لتفادى القادم الأسوء .!
وبما اننا معنيين هنا بإيران ومناطق الصراع الثورى التى تدس فيها أنفها ، فالتدخل الإيرانى فى المنطقه العربيه ليس وليد ثورة الشعب السورى .. وليس وليد الظهور الحوثى فى اليمن ، بل له وجود فى العراق منذ إطاحة الإميركان بنظام صدام البعثى عام 2003 وفى لبنان متمثل فى إحتواء ورعاية كلاً من حزب الله وحركة أمل ، وكذلك فى سوريا منذ الأسد الأب ..,تعمقت بعد العداء بين نظامى البعث العراقى والسورى .. والتى تمخض عنه ألإتفاقيه العسكريه بين طهران ودمشق فى العام 2006 .
وبالنظر فى الوجود الإيرانى فى مناطق الصراع العربيه أنفة الذكر ، الذى سبقه تنسيق أميركى تاره وأخرى غض الطرف .. بحسابات المصلحه الأميركيه كمستوى أول ثم إنهاك إيران فى التدخل العسكرى والسياسى التى تتحكم فى مساره الخفى الولايات المتحده الأميركيه .. كمُتحكم رئيسى فى منح السلاح ومنعه لكل الفصائل المتناحره على الارض فى منطقة الوجود الإيرانى .. يتبين أن الهامش المُعطى لطهران ( مُراقب بشكل جيد ) ، من دوائر صنع القرار الإسترتيجى فى الولايات المتحده الأميركيه ، بحيث يعطيها حجم سياسى ( غير قابل للتمدد ) يناسب تدخلها فى المنطقه عسكرياً لكبح جماح التحركات الثوريه التى تؤرق مضاجع دول المركز .. ويعنى فى الوقت ذاته إنها ( إيران ) ستنذف حتماً يوماً ما نتيجة إجهاضها سياسياً وعسكرياً ومردود هذا إقتصادياً ، مُنعكساً بطبيعة الحال على المواطن .. الذى سيُحدث إرباكاً فى الداخل الإيرانى .
وهذا بالفعل الذى حدث .. فنتيجة فتح نظام طهران أكثر من جبهه فى العراق وسوريا واليمن ولبنان .. أُجهض الإقتصاد ، فنتج عنه فرض ضرائب على المواطن الإيرانى.. وزادت البطاله فثار الشعب ضد النظام فى طهران .
ومن الطريف فى الأمر ، أن إيران تشتكى بشكل رسمى للأم المتحده من تدخل دول بعينها فى شؤنها الداخليه من تسخين الشارع الإيرانى ضدها .. وتتناسى وتتغافل أن تذمر الشارع جاء نتيجة مشاركتها فى قمع شعوب أخرى أرادت أن تتحرر من أنظمتها العميله الدكتاتوريه ..( فهى تتدخل ،وتشتكى من تدخل الغير!).
ويبدوا أن ممثلها فى لبنان نصر الله ، المشارك عسكرياً فى سوريا .. لم يعى المآلات التى نتجت عن التدخل السافر فى المنطقه .. عندما صرح فى أحد الفضائيات أن الوجود فى سوريا ربما يستغرق عام أو عامين حتى تنتهى المسأله السوريه !!! ، إن كان نصر الله يعنى ما يقول .. فلون السياسه القادم سيكون أكثر من قاتم لأنه سيهدد إيران كدوله والارجح أن يحدث فيها ما حدث فى دول الجوار ، ومناخها العام مُهيئ للعب الدولى على خلفيات عده كالعرقيات والأقليات والإثنيات والعامل المذهبى والخلاف الايدولوجى لدى بعض النخب .!
فإنقاذ الوجود الإيرانى مرهون فى المستوى الأول .. بإنقاذ الشعوب التى تقف ( إيران ) الحاؤول ضد تحررها من نظمها القمعيه وتخليها عن بعض طموحاتها فى المنطقه ومعرفة حجمها الطبيعى ، وليس الحجم البالونى الذى تصنعه آلة النفخ الأميركى عن عمد .!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق