إيران بالون مرحلى من صنع النفخ الأميركى
بقلم : على بركات
فى ظل الأوضاع المُحترقه التى تلف المنطقه العربيه بوجهٍ عام ، وبيروت وصنعاء وبغداد ودمشق بوجهِ خاص ،تنحصر السياسه وتنكسر الدبلوماسيه العربيه … وتتكلس منظومة الجامعه العربيه كعاداتها منذ نشأتها … وهذا عهدنا بها فى مواجه معضلات الأزمه السياسيه التى تمر بها المنطقه ، مما يخلق مناخ ملائم للطفيليات السياسيه أن تتمدد رأسياً وأُفقياً لبسط النفوذ وكسب مساحات جغرافيه وديموغرافيه … تناسب طموحاتها التوسعيه فى منطقه أُستُبيحت منذ إحتلال أميركا للعراق فى 2003 ، وإسقاط الزعيم الراحل صدام حسين الذى كان له ما له وعليه ما عليه … كحجر عثره فى وجه التمدد الإيرانى ، أو إيثارة النعره القوميه أو الإثنيه فى البلاد ، وفى ظل فن الممكن والإصطياد فى الماء العكره وإنتهاز الظرف الراهن لمعارك التحرر الشعبى – مع نُظم طالما استحلت دماء رعاياها تاره ، وتاجرت بالممانعه تاره وبلعت مقدرات شعوبها فى صناديق ليس لها من قرار فى خزائن الغرب تارةً أُخرى – … لتهيمن على عواصم جد مهمه … بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق ، بمباركة البيت الأبيض الذى يغض الطرف عن التغول الإيرانى فى المنطقه منذ أن ساهمت إيران فى الدور العسكرى الذى على إثره سقطت بغداد فى قبضة الولايات المتحده الاميركيه .
ثمة عوامل ساهمت فى تعميق التغول الإيرانى … من أهمها غفلة الدبلوماسيه العربيه لما يحدث فى المنطقه ورصده وتحليله وأخذ خطوات إستباقيه لمآلاته … قبل أن يستفحل ، كذلك ربط النُظم العربيه حركتها السياسه بمعاهدات وإتفاقيات قيدت حتى المتاح لها... ، إختزال الأمن القومى للنظم العربيه فى سلامة كرسى الحكم وإستهلاك الجزء الأعظم من سياساتها فى توطيد العلاقه مع من يضمن لها المكوث على المقعد … وإهمال الرعيه ، ومنها عدم الرغبه فى تناوب السلطه وإشراك الشعوب فى صنع القرار المصيرى بشكل حضارى حقيقى ، ومنها كذلك عدم وجود مشروع عربى ( قومى ) لمواجهة تحديات المستقبل السياسى للمنطقه … نهيك عدم إستطاعتهم – تفعيل – ما تم الإتفاق عليه سلفاً كإتفاقيه الدفاع العسكرى المشترك بينهم .
لقد استغلت إيران الوضع الراهن فى المنطقه العربيه وراحت تسعى لبسط النفوذ على اليمن وسوريا والعراق وتثقل قدمهاأكثر فأكثر فى بيروت بعد ثقل الوطئ على حزب الله وإنهاكه فى الصراع المحتدم بين الشعب السورى ونظام حزب البعث منذ أربعة أعوام من الضيم والتنكيل والتشريد والقتل والاعتقال … ، ومعلوم إن حزب الله عصى إيران المحركه فى لبنان ، وأن يد مليشياته أكثر طولاً وعرضاً من الجيش اللبنانى ذاته ، بل له جناح يدين له بالولاء داخل الجيش اللبنانى على خلفية أن ثلاثون بالمائه من ضباط الجيش مكونهم المذهبى شيعى … وربما يفسر لنا هذا لماذا يبدوا الجيش سلبى فى مواجهة إنخراط حزب الله فى السياسه اللبنانيه بقدر يفوق بمراحل إنخراط الجيش اللبنانى فى الحياه السياسيه أو المشاركة فى صنع القرار السياسى ، وفى اليمن نرى الدعم اللوجستى الإيرانى للحوثيين فى زحفهم على صنعاء وإرغام الرئيس عبد ربه منصور هادى على الاستقاله فى سيناريو تبدا فيه قدر من اللبس … فى الوقت الذى رحل فيه الملك عبد الله ومجئ الملك سلمان ورجاله لتولى الحكم فى الرياض … ، وإن كان ثمة قراءه تذعم أن سيناريو ما كان مُعد للمسئله اليمنيه فى مسعى لضرب الثوره والرجوع للخلف باليمن إلى مربع ماقبل الثوره … بالاتفاق مع الحوثيين للزحف الى صنعاء … إلا أن وفاة حاكم الرياض عبد الله أربك المشهد اليمنى وتراجع على إثرها الرئيس عبد ربه منصور عن إستقالته ، وظهور على عبد الله صالح – الرئيس المخلوع – على الساحه السياسيه بتوجيه إيرانى محض ورضى أميركى ضمنى … لأن على صالح زيدى المذهب وكذلك الحوثيون زيود والمثير للدهشه الصمت الأميركى المطبق تجاه الزحف الحوثى ، كصمتها تجاه بيروت وبغداد ودمشق !.
وإيران تعبث فى الداخل العراقى منذ عقد من الزمن ، وتمكنت بتمثيل أكثر فى كل مناحى الحياه فترة حكم المالكى ، وقد استغلت الحرب على الدوله الإسلاميه للتنكيل بأهل السنه وحرق قراهم ومنازلهم واغتصاب نسائهم حتى أن وزير الدفاع العراقى – خالد العبيدى – لم يخفى مشاركة إيران ودعمها اللوجستى الكبير لمليشيات الحشد الشعبى … أثناء لقائه بالأمس القريب فى المؤتمر الصحفى مع – مارتن ديمبسى – رئيس هيئة الأركان الأميركيه ، والعشائر السنيه تصرخ ليل نهار تناشد العرب لتسليحهم حتى يتسنى لهم مواجة المليشيات الإيرانيه المسلحه .!
والحاله فى سوريا لاتختلف عن العراق كوجود عسكرى مساند لنظام البعث فى دمشق وتقف الحاؤول فى وجه التحول وتقرير أهلنا فى سوريا لمصيرهم ، مع الأخذ فى الاعتبار الاتفاقيه العسكريه المُبرمه بين طهران ودمشق عام 2006 ، والتقارب الإثنى بين النظامين ، وإن كانت تتذرع بمحاربة تنظيم الدوله … إلا أن وجودها سبق ظهور تنظيم الدوله على الأراضى السوريه ، وتمارس نفس الدور فى سوريا مع مليشيات حزب الله الذى يسمى قتل أهل السنه فى سوريا بالجهاد المقدس … ولايجرم الغرب خطابه التحريضى – على حد تعبير الخطاب الإعلامى الغربى – الذى تصدعت به رؤسنا ليل نهار فى إزدواجيه مقيته للمعايير والكيل بمكيالين إن صح التعبير!.
قد يكون هناك تنافس فى ( الشرق الأوسط ) بين أميركا والكيان الإسرائيلى تلعب فيه بعض الدول العربيه المُنكشفه سياسياً دوراً وظيفياً من جانب وإيران وروسيا من جانب آخر بعد الإطاحه بالزعيم الراحل صدام حسين ، فى هذا الدور التنافسى تدير الولايات المتحده الأميركيه الصراع التنافس حيناً عن بُعد وآخر عن كثب وتمسك فى كلتا الحالتين بخيوط اللعبه وتمكن لإيران وتعطيها نصراً وقتياً محدوداً ليتقد فيها الغرور كنوع من النفخ البالونى التكتيكى المرحلى الذى يليه إنهاك للقوه ثم الإجهاز عليها عسكرياًفى اللحظه الإستراتيجيه المناسبه ولربما تستعين بمن أستعانت عليهم بإيران ليشاركوها لحظة الحسم العسكرى ضد إيران ، كما عبر هنرى كيسنجر فى حواره فى 27-11-2011 مع صحيفة ( ديلى سكويب ) الأميركيه .!
فى واقع الأمر هناك تنسيق ليس فيه مواربه بين أميركا وإيران الفارسيه … وأميركا هى التى تحدد هذا التنسيق بشكل غير مباشر وتترك العنان لإيران لتطئ قدمها حيث تريد بحسابات تكتيكيه أميركيه تنبنى على رؤى مستقبليه للبيت الأبيض تخدم مصالحها فى المستوى الأول وعلى المنظور القريب والبعيد معاً …. وإن كانت تحقق نصراً محدوداً آنى للمصالح الإيرانيه … وليس بخافياً على المُتابع الحذق … أن إيران ضمن أجندة مرحليه أميركيه سيتم قطع دابرها وما الفتات التى تحصل عليه طهران بمباركة واشنطن وجعلها تحقق نصر وهمى مرحلى … بمثابة النفخ فى البالون لتبدوا فى ضخامة السحاب المُزجَى المركوم الذى سرعان ما يسقط مع أول إرتطامه له بقمم الجبال !.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق