من واقع تاريخى للسياسات الغربيه منذ انبعاث الفكر الميكيافلى بعد الثوره الفرنسيه ، وتطور الآله الحربيه التى أغرت بونابرت وموسلينى وتشرشل لإحتلال شعوب ما وراء المتوسط … لانكتفى بالقول ( كما أسلفنا فى الجزء الأول ) أنه كلما تقدمت الآله الحديديه … تراجعت إنسانية الكائن البشرى ، بل أنه كلما كنت مدججاً بالسلاح كنت أكثر تهوراً وأكثر جبناً وتراجع مخزون الشجاعه لديك ! ، كلما أرادت القوى صانعة القرار السياسى كسب مساحه سياسيه كخطوه أولى ومقدمه لخوض عمل عسكرى لاحق … وجدت من البُد أن يتبعها مجهود إعلامى ضخم من الإفك والدجل وتحريك الساكن وتجميد المتحرك وتضخيم الهذيل … وإبتكار أحداث ليس لها وجود فعلى على الارض واللعب على وتر أن تُسمع الناس ما يحبون سماعه !!! … وهذا الغطاء من التنويم يُمَكّن لصانع القرار فى الدوائر الغربيه من تحقيق مهمته والإفلات من المسائله أمام الرعيه ، والعمل بحرفيه فائقه لإمتلاكه خيوط اللعبه السياسيه … خاصةً إذا ما كان الأمر متعلق بمنطقة ( الشرق الأوسط ) .!
بادئ ذى بِدء لابد لتوَقُّد الإنتباه أن ثمة دور عسكرى خفى للصين فى سوريا ، وإن كان لوجستياإلا أنه يصب فى صالح نظام البعث فى دمشق وعلى غير مراد سعى الثوره قى الإطاحه بآل الأسد من المشهد السياسى السورى وثمة حاملة طائرات صينيه فى ميناء ( طرطوس ) الذى أعادة روسيا تأهيله … كأحد التعزيزات التى جاءت عقب استقبال الرئيس الأميركى باراك أوباما الرئيس الصينى فى الخامس والعشرون سيتمبر أيلول المنصرم .!
من المعلوم بالضروره أن مساعدة الكرملين لنظام البعث مُتجذّره منذ اللآونه الأولى لتقدم ثوار سوريا على الجيش النظامى لبشار ، وفى الآونه القريبه عندما أصبح الثوار قاب قوسين أو أدنى من الإطاحه ببشار … دعمت روسيا نظام البعث بجسر جوى إلى مطار حميميم فى ريف اللازقيه ، كما أوفدت مستشارين وخبراء عسكريين ، تبعها إيقاف المدد العسكرى للمعارضه بإتجاه الساحل من واشنطن لبعض فصائل المعارضه التى تأمنها الإداره الأميركييه ، كما ساندت روسيا نظام البعث فى التنقيب عن البترول فى الساحل كبديل عن نفط الشرق الواقع فى أيدى المعارضه السوريه ، كما أنه يجب التنويه ـ ثمة إتفاقيه دفاع مشترك عسكريه بين الأسد الأب وروسيا ـ ولكن السؤال الذى يشكل إحراجاً تاريخياً لكلا البلدين هل تفُعل مثل هذه الإتفاقيه فى الحاله السوريه الراهنه ؟!
أم تفعل فى حالة إغارة عدو خارجى ؟! أم أن الإتفاقيه كانت بين نظامين حاكمين ( كأشخاص ) لا بين دولتين ؟!.
الدور الروسى العسكرى المباشر فى سوريا جاء ليعزز المصالح الروسيه فى البحر المتوسط المتمثله فى الصفقه التى عقدتها الإداره فى الكرملين لشراء غاز أسيا الوسطى وبحر قازوين عبر مناقصات كانت سريه وإيجاد مواطئ قدم للتسويق لشركة غاز بروم التابعه لروسيا ، وثمة إتفاق مع سوريا والعراق وإيران ولبنان على مد أنابيب الغاز بِدأً من بحر قازوين وإنتهائاً فى البحر المتوسط ، الذى يقطع الطريق على مد انابيب ( نابكو ألأميركيه ) ! ، وهذ ما يفسر لنا موقف روسيا ـ السابق ـ الرافض لحظر السلاح على نظام دمشق والتى شاطرتها الصين كذلك الرأى لصداقتيهما ، كما ارتأت روسيا أن من يتحكم فى الطاقه يتحكم فى القرار السياسى العالمى الإستراتيجى !. نهيك عن العداء التاريخى المُتجذر عند الروس من التيارات الإسلاميه التى أثبتت بالتجربه الحره للإنتخابات أنها المُسيطره على هوى الشارع العربى ! وهذا تخوف مركوز عند الغرب كله له ، إرهاصاته وتداعياته فى العقلين الباطن والظاهر التاريخيين لديهم … ، وهنا لابد لفت النظر إلى الموقف الراهن فى تركيا وارتفاع حدة النزاع بين النظام فى تركيا والأكراد ومسه مساً خفيفاً … ولماذا ارتفعت نبرة النزاع فى الآونه الأخيره قبل دخول روسيا عسكرياً سوريا ؟!
… هذه ورقة ضغط روسيه مفادها إرباك الداخل التركى والنظام فى ـ أنقرا ـ حتى لايتدخل ولو فى الخفاء لمساندة المعارضه السوريه ! وهذا يعود لوجود جسر من العلاقات الروسيه مع المنتمين لحزب ـ العمال الكردستانى ـ منذ الفتره التى كان يعيش فيها زعيم الخزب ـ عبد الله أوجلان ـ فى روسيا! ولقد فصلنا هذا فى مقالنا ـ ما وراء الموقف الروسى الإيرانى من الثوره السوريه ـ .
يبقى التحضير الغربى لفتح المجال لروسيا للدخول عسكرياً فى سوريا محل دهشه بين العلوم السياسيه والواقع السياسى … ، مع التساؤل المشروع ، هل سيتجرأ الكيان الحاكم فى تل ابيب ( تل الربيع ) على الدخول بشكل مباشر عسكرياً كالنظير الروسى فى سوريا؟! لنا فيها قراءه فى الجزء الثالث إن شاء الله … !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق