الاحتراق النفسي, الضغوط والتواصل
وحاجة الارشاد لدى الشباب
( ج2 )
بقلم دكتور : ايمن غريب
وقد عرفت ماسلاك الاحتراق النفسي بأنه مجموعة أعراض من الاجهاد الذهني والاستنفاد الانفعالي والتبلد الشخصي، والاحساس بعدم الرضا عن المنجز الشخصي والأداء المهني
ويمكن تعريف الاحتراق النفسى بانه مرحلة يصل إليها الفرد عن زيادة الضغوط حتى تسبب الانهيار والإرهاق، بحيث يعاني الفرد بما يسمى بالاحتراق Burnout الذي يظهر على سلوكه وتصرفاته.
والمقصود بالاحتراق الدرجة العالية التي يتعرض لها الفرد نتيجة للضغوط التي تواجهه في عمله وحياته التي تعوقه عن أداء وظائفه بشكل طبيعي .
وعادة ما يكون هناك لبس وغموض عن مفهوم الاحتراق النفسي وارتباطه بالضغوط النفسية نتيجة التداخل في التعريف بين المصطلحين. وقد فرق نيوهاوس بينهما في ثلاث خصائص:
1. يحدث الاحتراق النفسي من ضغوط العمل النفسية نتيجة تضارب الأدوار وازدياد حجم العمل.
2. يحدث الاحتراق لهولاء الذين عادة ما يتبنون رؤية مثالية لأداء الأعمال والاضطلاع بالمسئوليات المهنية.
3. يرتبط الاحتراق عادة بالمهام التي يتعذر على الشخص تحقيقها.
ويرى باحثون آخرون أن الاحتراق النفسي هو المحصلة النهائية او المرحلة المأساوية المتطرفة للضغوط ، أي ان الاحتراق هو عرض من أعراض الضغوط النفسية.
والأفراد الذين يتسمون بالطموح العالي والدافع القوي لإنجاز الأشياء هم المرشحين للوقوع في براثن الاحتراق، حيث يسخر الفرد وقته وجهده في العمل في نفس الوقت الذي يحقق فيه توقعات الآخرين منه، لذا يشعر بالإنهاك والتعب وعدم القدرة على إنجاز المهام، وعدم القدرة على التركيز الذهني والعملي والتردد واضطراب النوم والأرق والصداع وهبوط ضغط الدم، بالإضافة للحساسية تجاه الآخرين العدوانية.
وقد بدأت اصابع الاتهام تتجه نحو الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الاعلام الاجتماعية او الميديا في هذا المجال، حيث اعتبرت احد الاسباب التى يمكن ان تؤدي الى حالات الاجهاد التي يعاني منها الشباب 'بالطبع يمكن ان تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا سلبيا، إذ ان الجميع يبدو سعيدا وناجحا. بينما في العالم الحقيقي كل شخص يواجه لحظات ضعف وايام سيئة واحزان وتجارب مؤلمة. لكن معظم الناس لا تشير الى ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي ووبالاخص الشباب.
هذا بالاضافة الى ان دماغنا باستمرار بحالة تحفز دائم من الهاتف الذكي وفكرة انه ينبغي توفر امكانية الوصول الى الشخص في اي لحظة. بسبب الالعاب والدردشة والواتس اب والرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي. الجسد لا يستريح ابدا، في وقت يحتاج الجسم الى الاسترخاء من اجل بناء الطاقة من جديد'.
ان الضغوك النفسية والاجتماعية وضغط العمل خاصة .. يشعر الموظف بأن لديه أعباء كثيرة مناطة به، وعليه تحقيقها في مدة قصيرة جدا وم وكثير من المؤسسات والشركات سعت في العقود الماضية الى الترشيد من خلال الاستغناء عن أعداد كبيرة من الموظفين والعمالة، مع زيادة الأعباء الوظيفية على الأشخاص الباقين في العمل، ومطالبتهم بتحسين أدائهم وزيادة انتاجيتهم.
وتعد محدودية صلاحيات العمل.. إن احد المؤشرات التي تؤدي الاحتراق النفسي هو عدم وجود صلاحيات لاتخاذ قرارات لحل مشكلات العمل.. وتتاتى هذه الوضعية من خلال وجود سياسات وأنظمة صارمة لاتعطي مساحة من حرية التصرف واتخاذ الاجراء المناسب من قبل الموظف
كما ان قلة التعزيز الايجابي.. عندما يبذل الموظف جهدا كبيرا في العمل وما يستلزم ذلك من ساعت اضافية وأعمال ابداعية دون مقابل مادي او معنوي يكون ذلك مؤشرا آخر عن المعاناة والاحتراق الذي يعيشه الموظف.
مع قلة التواصل الاجتماعي او انعدام الاجتماعية.. يحتاج الموظف احيانا الى مشاركة الآخرين في بعض الهموم والأفراح والتنفيس، لكن بعض الأعمال تتطلب فصلا فيزيقيا في المكان وعزلة اجتماعية عن ألآخرين، حيث يكون التعامل أكثر مع الأجهزة والحاسبات وداخل المختبرات والمكاتب المغلقة .
وقد تبين ان عدم الانصاف والعدل لها دور كبير حيث يتم احيانا تحميل الموظف مسئوليات لا يكون في مقدوره تحملها. وعند إخلاله بها يتم محاسبته. وقد يكون القصور في أداء العمل ليس تقاعسا من الموظف، ولكن بسبب رداءة الأجهزة وتواضع امكانياتها ومحدودية برامجها، اضافة الى امكانية عدم وجود كفاءات فنية مقتدرة لأداء الواجبات المطلوبة .
إن من أهم العوامل التي تساعد على التخفيف من هذه المشكلة هو معرفة النفس واقامة علاقات متوازنة مع الأسرة والأصدقاء فلابد من استعادة التوازن الداخلي واعتبار المصالح الشخصية في أولوية الخيارات , إذا كان صوت الهاتف يزعجك في المساء اقفله و أعط لنفسك حقها دون السؤال عما حدث في الأمس أو اليوم فأحياناً تأخذنا المتاعب والسعي
دون أن ندري فنصل إلى مرحلة ننتبه أننا خرجنا عن المألوف لدينا ,لابد نقف لنقول لأنفسنا: كفى . إلى أين ؟ في تلك اللحظة يكون الإنذار الداخلي قد تلقيناه وسمعناه . لكن في بعض الأحيان يتكرر ذلك الإنذار ولا نعيره انتباهاً بل نمضي فيما نحن فيه فإذ بصلاحيتنا تنتهي لأننا ورقة احترقت فلماذا يحدث هذا ؟ نحن نحرق أنفسنا بإرادتنا فلنراجع أنفسنا في كل يوم لعدة دقائق و لنتأمل مبتعدين عن هموم الحياة
ولنسترخي في وقت راحتنا ، ولا نشعل فتيل البحث عن المستحيل كي لا نحترق وحتى عند البحث عن الذات والأهداف المشروعة ، لابد أن نتعامل معها بهدوء كي نستمر.