حديث النفس وشجواها وآية الغفران
بقلم دكتور : أيمن غريب قطب
هذا حديث النفس الذى تضطرم المشاعر فيه حتى لا يطاق حملها
فنبثها في ثنايا الصفحات ونننشرها عبر
سطور المقالات , هذا حديث ضياع العمر وفقدان الذات أم يؤذيكم
طيف الشجى إذ يمرّ بأحلام أفراحكم
الضاحكة؟". "ما أضْيَعَ ألايام ان لم تكون في معية الله وفي مدرسة
الحياة إن كان هذا كلَّ ما تعلمت منها
اللهمّ إني قد نفضت يدي من الناس، وإني أسألك أمراً واحداً؛ ألاّ
تقطعني عنك، وأن تدلّني عليك، حتى
أجد -بمراقبتك- أنس الدنيا وسعادة الآخرة" لقد صارت الشجون
كثيرة مَحطَمه وفجعه الايام كبيرة وصرت
اسير في الوداع على أمانيَ ّو قبور الأماني القلوب اليائسة فيا
رحمة الله على تلك الأماني.
يا أسفي لقد مضى العمر وما ادخرت من الصالحات .. ولقد دنا
السفر وما تزودت ولا استعددت .. ولقد قرب
الحصاد وما حرثت ولا زرعت , وسمعت المواعظ ورأيت العبر فما
اتعظت ولا اعتبرت , وآن أوان التوبة فأجلت
وسوفت اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت فما يغفر الذنوب إلا أنت.
يقول ابن شهاب :
لذي سلم والبان لولاك لم أهوى ولا ازددت من سلع وجيرانه شجوى
ولولاك ما انهلت على الخد أدمعي لتذكار ما الروحاء تحويه من احوى
فأنت الحبيب الواجب الحب والذي سريرة قلبي دائماً عنه لا تطوى
وأنت الذي لم أصب إلا لحسنه ولم يَلْهُ عن ذكراه سري ولو سهوا
وحيث اتخذت القلب مثوى ومنزلا ففتشه وانظر سيدي صحة
الدعوى إليك رسول الله وافيت مثقلاً بأوزار عمر مر معظمه لهوا
غفلت عن الأخرى وأهملت أمرها وطاوعت غي النفس في زمن
الغلوا ومنك رسول الله أرجو شفاعة تغادر مسود الصحائِف ممحوا
وصلى عليك الله ما أنهل صيب من المزن فاخضلت بجناته الجنوى
صلاة كما ترضى معطرة الشذا تفوح بها في الكون رائحة الغلوى
ويسري إلى أرواح آلك سرها وصحبك والأتباع في السر والنجوى
هل هى نوستالجيا (الحنين للماضي ) وحنين العودة الى الله و
لأنفسنا ولفطرتنا الأصيلة , للشخصية التي
خلقنا بها قبل أن نتعرض لتجارب مؤلمة ونصاب باحباطات نفسية و قبل أن يلوثنا المجتمع و يجعلنا نتخلى
عن ما يميزنا , الحنين الذى يخفي داخله شعورا بالندم لأننا لم نقدر
ايامنا واعمرنا حق قدرها وتصورنا أن
السعادة تكمن في اوهام كبار وسراب ينقشع عنه الغبار .
وتشير الوكيبديا الى النوستالجيا انها كلمة (باليونانية القديمة
νόστος «الشوق» y ἄλγος «ألم») وهو
مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلي الماضي، أصل الكلمة يرجع
إلي اللغة اليونانية إذ تشير إلي الألم الذي
يعانيه المريض إثر حنينه للعودة لبيته وخوفه من عدم تمكنه من
ذلك للأبد, وقد تم وصفها علي انها حالة
مرضية أو شكل من اشكال الاكتئاب في بدايات الحقبة الحديثة ثم
أصبحت بعد ذلك موضوعا ذا اهمية بالغة
في فترة الرومانتيكيه, وكما تقول في الغالب النوستالجيا هي
عشق العودة او الحنين.
يقول الشاعر حماد الباصونى:
أَهاجَ شُجونَ النَفسِ ذِكرُ أَحِبَّتي فَقادَ الهَوى قَلبي إِلى كَرْمِ مَنبَتي
وَحَنَّت إِلى الأَرباعِ شَوقاً أَضالِعي وَهَزَّ فُؤادي فَرطُ وَجدي وَصَبوَتي
ان الغاية هي رضا الله ومن علامة رضا الله تعالى عن العبد، هي رضا العبد عن ربه.. قال ابن القيم رحمه
الله «فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه، فهو محفوف بنوعين
من رضاه عن عبده: رضا قبله أوجب له أن يرضي عنه، ورضا بعده هو ثمرة رضاه عنه». ومنها استقبال
الابتلاء من الله سبحانه بالطمأنينة والسكينة والرضا والقبول فغالبا ما يشعر الناس بضيق وتوتر وحزن عندما
يخسرون شيئاً ما أو يتوقعون خسارته ، وتعتمد درجة الضيق على نوع الشيء الذي خسرناه أو نتوقع
خسارته فقد يكون هاماً جداَ بالنسبة لنا وقد يكون أقل أهمية ، فالأفراد يختلفون في درجة تقبلهم لما
يعتقدون انه خسارة وطريقة تفكيرهم وطريقة تعاملهم معها . وبعض الناس يبالغ في خوفه وقلقه إلى درجة
اعتقاده أنه بخسارته هذه سيخسر كل شيء وأنه في كارثة ليس لها مثيل ، وغالباً ما نكون أثناء هذه
الحالة مركزين ذهنياً على مساوئ الخسارة ولا يتبادر إلى ذهننا أن في هذه الخسارة مكاسباًاو قد تكون
كلها مكسبا.
أن ما نعتقده ضاراً قد يكون غير ضار بل قد يكون نافعاَ والفرق هو فى نظرة الانسان الى الشئ وتقبله له
فالفرق فى نظرة الانسان المؤمن المتفائل الموقن بربه والواثق بقضائه وقدره ورحمته وحسن تصريف يجعله آمنا مطمئنا راضيا مرضيا .
و في موافقة ربك سبحانه وتعالى في قدره والتماس رضاه الشئ الكثير وحب ما يناله من ربه ولو خالف
هواه.. فاختيار الله لك فيما تكره خير من اختيارك لنفسك فيما تحب، لأنه سبحانه أعلم وأحكم، {وَاللّهُ يَعْلَمُ
وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
ولابد من ترك الاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره سواء بلسان الحال أو بلسان المقال والأفعال وعليك ألا
تخاصم ولا تعاتب وعليك أن ترضى وتسلم لما قضاه الله تعالى عليك وقّدَّرَه. و الاستغناء بالله وحده سبحانه
وعدم سؤال الناس شيئاً.. فالله سبحانه وتعالى هو من يسخر لك من تحتاج له من الخلق ثم التخلص من
أسر الشهوة ورغبات النفس، فنفسك دائماً تلح عليك لتحقق رغباتها، مما قد يوقعك في المعاصي
وبالتالي
تتسخط على قدر الله تعالى.. فلو أنك جاهدت نفسك من البداية، سيسلم لك قلبك وتعيش راضياً عن الله
عز وجل، قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}. فعندما تعرف ربك ستحبه، وإذا
أحببته سترضى عنه وعن كل ما قدره لك.. وكلما ازددت قرباً من ربك زاد، حبك له سبحانه حتى يتملك حبه كل ذرة في وجدانك