ثمة خطأ شائع عند تناول المشهد السياسى الراهن الملتهب فى منطقتنا العربيه … قد لايتداركه المرأ فى زحمة الأحداث المتتاليه ، أو قد يسقظ عن غير قصد ، وهو البعد التاريخى الذى حدد سلفاً حطوط التماس العريضه للأمم التى تسيطر على معامل صنع القرار فى العواصم الكبرى لدول المركز … فإغفال هذه الجزئيه دون إسقاطها حال التناول التحلبلى على المشهد السياسى … قد يجعل المسأله أقرب للجدل الزمنى منه للتحليل الموضوعى الذى يناقش ويستحضر ويربط ليقف على المعضله … ليتمكن من فك العقده بما هو متاح .!
وحتى لانظل سائحين فى التيه … يجب ان نرد الأمر إلى أصله التاريخى … فجُلنا يعى تقدم الثوره الصناعيه المذهل كمحرك أوّلىِ دفع بقوه دول المركز لإحتلال المنطقه العربيه … هذا الإحتلال الذى تطور من إحتلال الأرض المباشر لإحتلال القرار الإستراتيجى … الذى يضمن لها تصريف منتجاتها والحصول على المواد الخام الأوليه ، وكذلك توظيف رؤوس الأموال التى أضحت من القضايا الكبرى لدى دول المركز … فكان من البُد احتلال المنطقه ، خاصةً أن ( منطقة الشرق الأوسط ) تمتلك سبعون بالمائه من المواد الخام الساكنه بواطن الأرض فى العالم .
والجدير بالذكر أن ثمة نزاعات برزت بين دول المركز الإستعماريه فى الماضى لامتلاك المستعمرات … وبشكل خاص تلك التى تمتلك شواطئ على البحار … ، ومن النزاعات التى برزت تاريخياً ، تلك التى بين ألمانيا وروسيا وكذلك فرنسا وإنجلترا … ، ثم أميركا لاحقاً بعد أن ارتأت إستغنائها عن مذهب ( مونرو ) حاجه ملحه بعد تهديد سفنها فى البحر من قِبل المانيا مما اضطرها لدخول الحرب العالميه الأولى فى أبريل نيسان 1917 … كمُعامل جديد أوقف تقدم المانيا عسكرياً وغير فى المعادله ليست العسكريه فحسب بل والسياسيه وإلى الآن .
جدير بالإشاره أن نستحضر دائما أن القرار الإستراتيجى للنظم ( الحاكمه ) لمنطقتنا العربيه مُحتل … بل ووصل الى حد الإغتصاب ، وبدون مواربه ، فضحته ثورات الربيع العربى التى مازالت تشق طريقها غير آبهه بالعهر السياسى العالمى والإقليمى… ومن هنا يكون مدخلنا لتناول ما بات يعرف بتحالف الشمال والتدخل العسكرى السعودى التركى فى سوريا!.
سنتناول بشكل مكثف تدخل نظام آل سعود ، لما له من باع تاريخى فى الوقوف فى وجه التحول فى المنطقه ووقوفه الحاؤول ضد رغبات الشعوب … ففى اليمن الذى هو جزء أصيل من شبه الجزيره العربيه بل أصل العرب … ، تدخل النظام السعودى لذبح تطلعاته أكثر من مره … فعندما قهرته الملكيه ( المتوكليه ) راح ينشد الحريه فى غيرها ، فانتفض ثائراَ فى وجهها ناشداً نظاماً جمهورياً دستورياً فى السادس والعشرون من سبتمبر أيلول 1962 … سعى النظام السعودى آنذاك لضرب وتقويض الحركه الثائره فى اليمن متضامنه مع المملكه المتوكليه ولكن مساعيه بائت بالفشل … وانتصرت ثورة السادس والعشرون من سبتمبر ايلول رغماً عن أمانى آل سعود .
وبرغم أن النظام الجمهورى الذى كان أحد تداعياته وجود على عبد الله صالح على رأس السلطه فى اليمن .. ذلك النظام الجمهورى الذى أتى على غير رغبه لآل سعود ، إلا أنهم وقفوا بجانبه منذ ثورة الحادى عشر من فبراير شباط 2011 ، بل ووصل تآمر النظام فى الرياض متجلياً فيما بات يعرف ب ( المبادره الخليجيه ) التى كانت تضمن للدكتاتور العسكرى على عبد الله صالح الخروج الآمن وتيرئته من الدم والفساد … وإبقاء الحاله السياسيه على نفس النمط البائد مع تغيير شكلى لايضمن السياده للشعب اليمنى!.
وبرغم أن نظام الرياض كان حريص على بقاء نظام صالح فى الحكم … إلا أنه بتغير المشهد الذى ازداد تعقيداً يحارب الآن الحوثيين … ألم يدرك نظام الرياض أن الحوثيين صناعة على عبدالله صالحبحجة التوازن مع أهل السنه ، بل وهاهم يحاربون بجانب صالح الذى يمتلك أكثر من أحدعشر لواء عسكرى ضمن صفوفه … فالممارسه السياسيه التى تُملىَ على نظام الرياض ضمن الهامش الذى يتحرك فيه يجعلك تشعر وكأنك فى بيت جحا .!
وبرغم ان الموقف اليمنى بات أكثر تعقيداً إثر النقص الحاد فى فيتامينات العبقريه السياسيه للتدخل العبثى السعودى ، وتسلط دول المركز المحركه له عبر قراراته المخفيه منها والمعلنه … تتدنى مستويات العقلانيه لدى نظام الرياضويتحرك للدخول فى متاهه عسكريه فى سوريا … لايمتلك التحضير لها نهيك عن خبراته فى الحرب البريه ، وهذا بالتحديد ماسنتناوله بمشيئة الله فى الجزء الثانى.!